على الرغم من أننا معشر الصحفيين والكتاب ومن نعتبر أنفسنا ملوك القلم وسادته ( لاحظوا أنني متواضع جدا!) غالبا لا نقر بوجود مشاعر أو أفعال لا يمكننا ترجمتها إلى كلمات منثورة على صفحاتنا الخاوية .. إلا أننا نقف مشدوهين أمام بعض المواقف الإنسانية التي نعجز عن فك شيفرتها .. فنعلن استسلامنا عاجلا ونقر بأننا مجرد بشر عاديين لا نفرق على الآخرين بأي موهبة أو قدرة على إيصال ما في جوفنا ..
.
هذا الجمود هو بالضبط ما انتابني في 14 مارس الجاري ، حيث رزقنا الله بابنتين طال انتظارهما ، فوجدت نفسي دون مقدمات مثل "الأطرش في الزفة" أمام مشاعري التي عجزت عن وصفها ، رغم أنني قبلها بيوم واحد فقط كنت أعتقد أن الأمر سيكون عاديا ، لاسيما أنها ليست التجربة الأولى ، حيث ابنتنا المصون "كوثر" تبلغ من العمر اليوم ما يزيد عن السنوات الخمس.
.
سبحان الله .. أول كلمة طرأت على ذهني ، وشريط ذكريات عاجل مر في عقلي المتمرد على طاعتي، ولا أدري لماذا تذكرت الكثير من الأشياء في حياتي .. عدت طفلا .. وصرت مراهقا .. ثم تزوجت .. وتجاوزت مراحل الدراسة المتوسطة والثانوية والجامعية .. انتقلت بين أروقة العمل .. غصت في أعماق تعاملاتي مع الكثير من المسؤولين في الدولة .. تذكرت ضحكة هذا وبكاء ذاك وتذمر أولئك .. "كوكو" الصغيرة لأول مرة ألاحظ أنها بدأت تكبر بعد أن قارنتها بالصغيرتين .. فعلت كل ما يمكن فعله .. لكنني عجزت عن فهم شيء واحد .. هو شعوري وأنا أنظر إلى الطفلتين عقب دقائق من ولادتهما .. أسعد الله حياتهما واعانني على جعلهما من الذرية الصالحة ..
.
وبطبيعة الحال .. فإن دخول أبناء إلى حياة الرجل منا يغير الكثير فيها .. ليس فقط من حيث إشعاره بالمزيد من المسؤولية تجاه الحياة .. بل بتقبله صفات وأفعال لم يكن يرضى بها -كما كان يعتقد- قبل زواجه .. النهوض في أي وقت خلال 24 ساعة لشراء "الحفاظات" وإن كنت في عز النوم "عسل على قلبك" .. وضع ملعقة من الحليب على 60 مل من الماء الدافيء هواية أساسية .. حمل الطفل والضرب بخفة على ظهره بعد شربه الحليب متعة لا تضاهيها متعة .. نعم قد يستغرب الكثيرون من بعض هذه الأفعال لاعتقادهم أننا معشر الأزواج لا نملك أي مشاعر .. فهي حصرية للمرأة .. ولكنها الحقيقة المرة بالنسبة لهؤلاء :) فنحن بالنهاية بشر ولنا قلوب ومشاعر وأحاسيس ..
.
ولعل مما لم يكن مقبولا ولم يسبق إطلاقه علي مسبقا قبل زواجي هو لقب"أبو البنات" .. حيث لم أكن "مغازلجيا" يوما ما ( والحقيقة كانت تتم مغازلتي كثيرا لجمالي الأخاذ .. أخاف صج:P ) .. ولو تجرأ يوما وقالها لي أحدهم قبل سنوات لقلت له "استح على وجهك" .. أما اليوم فإن هذا اللقب أكثر ما يسعدني ..
.
وبمناسبة الحديث عن "أبو البنات" .. لا ادري لماذا لازال يتمسك البعض بأن الولد يحمل اسم أبيه وغيره من هذه الكلمات .. بل أن بعضهم يبارك لي ويردد "انشالله تخاويهم" .. أود أن أرد على بعضهم بالقول "خوا ينبك" .. لكن الأدب يمنعني .. ليس لأني أرفض أن أكون أبا لولد لا سمح الله .. ولكن لأني أعترض جدا على الإنقاص من قيمة الفتاة أو الابنة! ولله الحمد من قبل ومن بعد على منحي ما لم يمنحه لكثير من غيري .. وطبعا من يقل ذلك غالبا ما يكون من المواطنين .. أما الأخوة العرب فلهم رؤية مختلفة تختلف حسب البيئة والانتماء .. بعضهم لا علاقة مباشرة له بالمواليد! ومنهم ما قاله أحد الزملاء اللبنانيين "كيف جايينك بنات في 14 آذار ومسميهم زهراء وحوراء .. هذي أسماء تبعون 8 آذار " .. ثم ضحك دون ان استوعب أن أدخلني متاهات السياسة اللبنانية الداخلية .. أدامها الله !
.
أما لماذا لم أكتب هذا الموضوع في المدونة منذ ولادتهم .. فهو الكسل والانشغال .. وأما لماذا أكتبه اليوم .. فلأن زوجتي العزيزة ذكرتني قبل قليل بأنه عيد ميلادي !
.
أخبرتني بذلك فقلت آه كم مضت السنون مسرعة (حد يجري وراكي؟) .. ونظرت إلى المرآة فوجدت شعار مكدونالدز يحتل أعلى رأسي دون أن احاسبهم على هذه الدعاية المجانية المتحركة !
.
هذا وقد أعلنت الأمم المتحدة هذا اليوم مناسبة عالمية تمنح فيها المدارس والوزارات عطلة رسمية في كافة أنحاء العالم (هذه كذبة أبريل كما يسمونها) .. كما أعلن باسكن روبنز أنه لن يزيد نكهاته عن ال31 .. وقدم في هذا اليوم عرضا خاصا لم أدقق ما هو (وهذه حقيقة ههه) .. وتقبل التهاني والتبريكات بالمناسبتين السعيدتين في مدونتنا العامرة .. ونعتذر عن عدم قبول العانية والهدايا والعطايا :)
.
كما اتمنى أن أكون انسيتكم طول انقطاعي عن المدونة حتى تعذروني دون أن اعتذر عن إخلاف وعدي الإجباري :)
.
وتقبلوا وافر التحية والتقدير ;)
___
تنويه : لمن يسأل عن آخر المشاركات الخارجية لبلاتينيوم بوك للنشر والتوزيع التي تتولى إصدار وتوزيع كتبي المتواضعة .. فهي ستكون في معرض عجمان الدولي للكتاب الذي يقام خلال الفترة من 1 إلى 10 أبريل الجاري .. أسألكم التمنيات بالتوفيق :)