السبت، 5 أكتوبر 2013

مع شيوخنا..الله لا يغيّر علينا!


حدّثني صديقي غاضبا "يا أخي السفارات الأجنبية تحوّلت إلى مرتع لمذلتنا..كلّما أردنا السّفر إلى بلادهم بهذلونا حتى نستخرج الفيزا..لا أدري إلى متى ستظل حكومتنا مكتوفة الأيدي ولا تفعل للشعب شيئا في هذا الشأن كما بعض حكومات الدول المجاورة"!
صديقي "المتحلطم" قال ما قال وزاد في الكلام ولم يترك أحدا إلا وتذمّر في شأنه، حتّى أنه ذكّرني بالخطب العربية الرنانة التي تمتد إلى ساعات طوال، لكن كلّ ذلك لم يعنيني سوى قوله أن "حكومتنا مقصرة"، كيف يتهمها بذلك وهي الرشيدة المجيدة الحميدة؟ وأمام من؟ أمامي أنا الـ "خوش ولد" الذي يردد ليلا نهارا "الله يعز الحكومة"!
قلت له على الفور "مشكلتك أنك لا تتابع الأخبار..صدر قبل أيام قرار بريطاني بإعفاء الكويتيين من الفيزا..بريطانيا ترحّب بنا بدون فيزا..(شتبون بعد؟) أيها الكويتيون؟" فنظر إلي والشّرر يتطاير من عينيه وقال: القرار صدر لأصحاب الجوازات الدبلوماسية والخاصة..(واحنا شكو)؟
ظننته "يستعبط" ولكن لهجته كانت جادة، هل حقّا حكومتنا الموقرة عملت لتسهيل دخول أصحاب الجوازات الدبلوماسية والخاصة على حد تعبيره؟ هؤلاء تصلهم فيزهم وهم في أماكنهم أصلا..ثم من هم أصحاب الجوازات الخاصة؟ سألت صديقي السؤال الأخير بسذاجة، فأجابني بغضب: "يعني ما تدري؟ الشيوخ بعد منو!".
يبدو أن صديقي سيسترسل بالاتهامات، كيف يتّهم الشيوخ أي أبناء الأسرة الحاكمة جميعا بأنهم يميزون أنفسهم عن بقية المواطنين؟ ألا ينص الدستور على أن جميع المواطنين سواسية في الحقوق والواجبات؟ وليس لهم سوى ما نص عليه الدستور في بعض مواده كأن يكون الحاكم من ذرية الشيخ مبارك رحمه الله؟ واجهته بهذه الأسئلة المقنعة، فسألني مباشرة "إنت وين عايش؟"، ولا أدري لماذا شعرت أنه "ناقد علي" لكنني سكت لأسمع منه..فقال: يا حبيبي..الشيوخ أمر مختلف عن المواطنين..جوازاتهم غير..مطارهم غير..معاملاتهم في الوزارات غير..حتى وزارة الداخلية فيها إدارة معلنة باسم إدارة المعاملات الخاصة لإنهاء أوراقهم واستتخراج الفيز لمن يرغبون باستقدامه رغم رفض القانون، حتى من الناحية المالية، بمجرد أن تولد "شيخ" فإن الدولة تصرف لك مبلغا شهريا يبلغ ألف دينار طيلة حياتك! هذه الألف التي إن جاءت لبقية الكويتيين على هيئة منحة مرة واحدة لوجدتهم يحتفلون في الشوارع! ناهيك عن المناصب التي ينزلون إليها بواسطة "البراشوت" فقط بسبب نسلهم!
قلت له مباشرة: لو كانت كلامك صحيحا لما سكت من يعتبرون أنفسهم رموز المعارضة، هذا تمييز ظاهر ولا يمكن سكوتهم عنه، على الأقل سنجد المحاكم تعج بالقاضايا التي يرفعها قانونييهم، فردّ بابتسامة ساخرة: يا حبيبي..كل الرموز يتبعون في النهاية أحد الشيوخ، فلا يستطعيون الحديث بما لا يرضي كلّ الشيوخ، قواعد اللعبة مختلفة ولكل طرف حدّ معيّن!
للحقيقة، استرسل صديقي أكثر في الحديث، ولا يمكن كتابة كلّ ما قاله، لكن دخول صديقنا الثالث "وأظنه يعمل في جهة مهمة" قلب مخارج الحروف لديه بسرعة هائلة، فقال خاتما على الفور "طبعا أنا أتكلم عن دولة أخرى..أما الكويت فلله الحمد كل شيء فيها تمام والتآلف والمحبة تطغى على الشعب والأسرة الحاكمة..الله لا يغيّر عليناّ!"
سكتّ..وفكّرت..وقلت فعلا نحن نستحق (طبعا أقصد النعم)..الله لا يغيّر علينا!

                                                                                   أحمد الحيدر

@alhaidar

ليست هناك تعليقات: