بصراحة .. كان من المفترض أن أنشر موضوعا آخر يتعلق بالاحتلال العراقي الآثم للكويت .. لكنني ىثرت تاجيله إلى ما بعد عودتي من لبنان التي سأسافر غليها غدا .. حتى لا أبخس حقه .. فضلا عن تطرق عدد من الزملاء - مشكورين - إليه ..
ولذا اخترات موضوعا مرتبطا بالأعياد الوطنية .. وهو غير سياسي ولا يمت للواقع بصلة !!
___
حشر الأعياد الوطنية في الخلافات السياسية .. من المستفيد ؟
.
.
كتب أحمد الحيدر :
.
وكأن وسائل تحقيق المكاسب السياسية في البلاد انتهت حتى تحشر الأعياد الوطنية وسط معمعة الساسة !
.
هذه العبارة التهكمية أطلقها الخمسيني " أبو عبد الله " وهو يرتشف " بيالة " شاي في أحد المقاهي المصممة على الطراز القديم وسط مدينة الكويت ، معقبا على التصريحات النيابية التي دعت إلى اعتبار 25 و 26 فبراير الماضي " يومان " وطنيان بدلا من " عيدين " كما اعتاد الكويتيون تسميتهما منذ عشرات السنين .
.
ويذهب " أبو عبد الله " في رأيه بعيدا ليقول أن هذا التغيير في المسميات لا يأتي في سياق التلاعب بالألفاظ الذي اعتدنا عليه ممن يستظلون بالدين لتحقيق غايات سياسية أو تجارية وفق تعبيره ، بل يتعداه ليصل إلى مرحلة فرد العضلات والتقدم خطوة إضافية نحو سلب ثوابت المجتمع الحقيقية واستبدالها باجتهادات دينية تحتمل النقاش والتأويل والتفسير ، وهو كما يراه تجسيدا واضحا للتعصب الديني الذي لا يتردد ساسة التيارات الدينية عن النهي عنه والدعوة إلى اتخاذ السبل المضادة إليه !
.
ومن المقعد المقابل ، أطلق العشريني " ناصر " صرخة مدوية تعبيرا عن امتعاضه من تغليب المصالح الضيقة على المصلحة العليا للبلاد وفق تعبيره ، مشيرا إلى أن بعض الإسلاميين المتشددين يريدون تحويل الكويت المنفتحة منذ القدم إلى " طالبان " جديدة .
.
" ناصر " الذي لازال يدرس العلوم السياسية في الجامعة يرى أن المنطلق الشرعي صار يعلو فوق دولة القانون والمؤسسات لدى البعض ، وهو توجه خطير يهدد كيان الدولة المدنية ، متهما من وصفهم بالنواب المتشددين بتفريغ المادة الثانية من الدستور من محتواها ، وتعديلها عمليا وفق أهوائهم وإن لم يمسوا الدستور فعليا .
.
غضب " ناصر " قابله تحليل " حسين " الذي اعتبر أن مثل هذه الدعوات غير مستغربة من نائب لا يقف احتراما لنشيد بلاده الوطني ، بل يعتبره بدعة من بدع الشيطان المضلة التي يجب تغييرها لاحتوائه الموسيقى !
.
وأضاف " حسين " أن نائبا آخر من ذات التوجه صرح عبر إحدى الفضائيات مؤخرا بأن الديمقراطية مجرد وسيلة لتطبيق شرع الله – كما يراه بطبيعة الحال – في المجتمع الكويتي ، دون أن يستوقفه أحد أو يسأله " ثلث الثلاثة كم ؟ " .
.
واستدرك " أبو علي " كما يناديه رفاقه في المقهى أن مثل هذه الدعوات لم تكن لتظهر على السطح قبل سنوات لأنها كانت تُقابل باستنكار واستهجان شديدين من عامة المواطنين ، متسائلا " ما الذي منح الكافرون بالديمقراطية الجرأة ليعلنوا مواقفهم المشبوهة على الملأ ؟ وماذا تغيّر خلال هذه السنوات القليلة ؟ " .
.
أما مشعل ، وهو الشقيق الأصغر لأحد مرتادي المقهى ، فلم يكن يدير لحديث الحاضرين أي بال ، فهو مشغول بموعد خروجه مع " الصحبة الصالحة " الذين سيتكفلون بكل شيء في سبيل إسعاده غدا ، دون أن يعلم أنه قد يكون أحد محاور الحديث الحالية في المستقبل المنظور ، بعد أن يتشبع بأفكار الدولة الدينية لا المدنية ، وتكون الكويت بالنسبة إلى عقله مجرد " ولاية " في الدولة الإسلامية العظمى كما يصورها قادة الصحبة وسادتهم في الداخل والخارج !
.
دفة الحديث التي بدأت مع " أبو عبد الله " عادت إليه مجددا ، ليخاطب الحضور اليافع قائلا " الخيار دائما بأيديكم .. فأنتم المستقبل .. إن كان هذا ما تريدونه فابقوا على سلبيتكم حتى يضيع كل شيء .. وإن كان ما تريدونه مختلفا فاصنعوا الفرق بأيديكم " .
.
انتهت " بيالة " الشاي .. وفض الاجتماع .. لكن مستقبل الوطن وأبنائه لازال مجهولا !