الاثنين، 22 نوفمبر 2010

تعددت المعاني..والمأمأة واحدة!

من المتعارف عليه أن لكل كلمة في اللغة العربية معنيين: الأول اصطلاحي ويجسد المعنى المباشر للكلمة، والآخر لغوي يفسر معناها حسب موقعها من الجملة. . فعندما يصف الرجل المرأة مثلا بأنها "لوحة"، فإن وجه الثناء يكون فيها حينما يتبادر إلى ذهنها أنها شيء ثمين أو نادر أو ألوانه زاهية كاللوحة ، أما إذا ما فطنت إلى دهائه ومكره، واستوعبت أن مقصده "أنك جماد بلا إحساس" فإن له كل الويل والثبور! . وبعيدا عن "اللوحة"..عفوا المرأة وقضاياها المتشعبة، يحتل "الخروف" في موسم العيد غالبا صدارة الموضوعات المتداولة بين المواطنين، ليس لأنه "الأضحية" التي تأخذ موقعا استراتيجيا على سفرة أي منزل كبير تتجمع فيه العائلة الممتدة، بل لأن له معان لغوية أخرى كثيرة تجعل منه حاضرا وبقوة. . فعلى المستوى الاجتماعي، لا يمكن تفويت فرصة التندر على الرجل "الخروف"، ذلك الذي ينطبق عليه المثل الشهير "سكّانه مرته"، فيشكل فرصة للحاضرين للترويح عن أنفسهم المثقلة بالعمل أو المزهقة بقوانين المنع والضبط التي ملأت البلاد مؤخرا! . هذا إن كان له زوجة واحدة فحسب، أما إن كان مغامرا وله من النساء زوجتان، فإنه لا يمكن أن يتحول سوى إلى نعجة لينطبق عليه قول الشاعر:
. تزوجت اثنتين لفـرط جهلـي...بما يشقـى بـه زوج اثنتيـن فقلت أصير بينهمـا خروفـا...ينعـم بيـن أكـرم نعجتـيـن فصرت كنعجة تضحي وتمسي...تـداول بيـن أخبـث ذئبيين . أما على المستوى السياسي، فلا يمكن أن تمر أي قضية دون أن يبحث الساسة المتصيدون – وبطبيعة الحال على رأسهم النواب – عن كبش فداء يحملونه المسؤولية في أي كارثة، فاحتراق مستشفى متهالك مثلا منذ سنوات يجب أن يقدم بسببه الوزير استقالته حتى وإن كان تولى الوزارة قبل شهرين فقط، كما أن تلف وجبة غذائية في مدرسة ابتدائية تحتمله وزيرة التربية، هذا بطبيعة الحال إن كان الكبش..عفوا الوزير.. من الخصوم السياسيين، أما إن كان من "الجماعة" أو من غير "المغضوب عليهم" فإنه يصبح كما أهل مكة .. لا تثريب عليه اليوم! . على الضفة المقابلة، بعض الناس، شعوبا أو جماعات، لا يمكن أن تتحرك إلا كما القطيع، فتخضع لصراخ السياسي هنا ووعود الآخر هناك، وتهتف باسمه بأعلى صوتها، كما تردد خلفه الشعارات الرنانة، ثم تنام لتصحو على مزيد من الأحلام التي لا ترى النور أبدا، لا يهم ذلك إطلاقا، فمن صفات القطيع أن ينفذ توجيهات الراعي دون سؤال أو تفكير والعياذ بالله! . حتى الألعاب الشعبية لم تخل منذ القدم من سيرة الخروف العطرة، فكان الأطفال ، ولعل بعضهم لازال يردد خلال لعبه أغنية "خروف مسلسل هدّوه"، دون أن يدري أن ترك أو "هدّ" هذا الخروف قد يؤدي إلى عواقب وخيمة إن لم يتم إحسان السيطرة عليه! . في الشأن الوظيفي، غالبا ما يتميز الموظف "الخروف" بمكانة مميزة عند رؤسائه، فهو ينفذ دون أن يعترض، ولا يمانع في مسح الجوخ بحثا عن الرضا، لذا نجده يتسلق السلّم الوظيفي أسرع بمراحل من غيره، ويحصد الترقية تلو الأخرى دون أن يبذل مجهودا سوى "المأمأة". . حتى إن فكر الموظف الذي لا يحبذ طريق الخراف أن يحسّن وضعه المعيشي، فأخذ كما فعل الكثيرون جزءا كبيرا من مدخراته، أو اقترض من أحد البنوك "الطيبة" للدخول إلى سوق الأوراق المالية "البورصة"، فإنه غالبا ما سيجد نفسه سار كما الخروف خلف إشاعة من هذا أو معلومة مغلوطة من ذاك، ليشتري السهم الموصى به قبل أن يهوى إلى القاع بصورة دراماتيكية، فيخسر كل ما وضعه من مال وجهد وأمل..وينتهي خروفا! . إذن..هكذا الخروف له شأن كبير في أوطاننا العزيزة، لكن الغريب بعد ذلك الذل كله للخروف، وربطه ربما زورا وافتراءً بصفات الجبن والخوف وضعف الشخصية، أن سعر لحم الخروف العربي هذه الأيام يبلغ ضعف سعر اللحم المستورد، رغم أن لحم الإنسان العربي – أصلا – لم يعد يساوي عشر .. بل ربما واحد على ألف من سعر الإنسان .. غير العربي! . . * جميع ما ورد ذكره ينطبق على البعض لا الكل.

هناك 12 تعليقًا:

ميمة السبيت يقول...

** صباح الخير و كل عام و انتي بخير

شلون البنوتات الحلوين :)

Seema* يقول...

يعني العيد الياي نكر أوادم؟

Empress appy يقول...

طبعا بما انى متابعه اللى بيحصل او بعضه احب اقولك فهمت بس الخروف اللى بيوافق على دا بيكون اكيد مستفيد كتير محدش بيرفض طالما لااغراءات الماديه كتير
ربنا يسترها

Seldompen يقول...

مساء الخير

وكل عام وأنت بخير , ويارب تكون سنة خير عليك ..


=)

الجميل في ما تكتب , كونك تفجَر غضب يكمن في داخلك لما تراه بطريقة لا تؤذي أحد , لكنها تبين الحقيقة للعيان جميعاً , وأظن أن الكثير ممن يقرأ لك يهز رأسه بالإيجاب لكثير من الأمور التي تبينها ..

والبعض قد يقول " والله أنك صادق " .. " جبتها على الجرح " ..

لكن بعضهم أضعف من أن يواجه ما يعاني منه , أو يغير من سلوكياته التي يتبعها سواء مع معاملة زوجته له , أو في الدوام الرسمي ..

" كوني ذا شخصية ضعيفة جداً أمام زوجتي , فأنا في الحقيقة فقدت المعنى الحقيقي للرجولة "

هذا ما أعتقده أنا , وأتسائل عن السبب الذي يجعل الرجل كما قلت " سكَانه مرته " ؟

فالعصمة بيد من ؟ ومما يخشى ليطيعها بشكلٍ يثير الإشمئزاز ؟

حتى في الدوام .. لماذا أقدم على إذلال نفسي لأرتقي مادياً .. وتنحط كرامتي ؟

أيهما أشد قيمة بالنسبة للنفس ؟

المال .. أم الكرامة !


عذراً على الإطالة ..

تحياتي ..

Dr/ walaa salah يقول...

للاسف امثلة الخرفان كتيره اوي في مجتماعتنا استاذ احمد

وللأسف احنا كل اللي علينا اننا بنتفرج وبس ويمكن كمان بنساعد لما الخروف ده بيحين ذبحه وبيكون كبش فدا


موضوعك بجد يمس امه باكملها ولولا وجود هذه الخرفان لصلحت حالها


مشكور استاذ احمد

غير معرف يقول...

حسنى مبارك يقدم غاز مصر هدية لدعم إسرائيل و مصر تخسر حوالى 100 مليار دولار فى 20 سنة لأسرائيل !!!

التقت شبكة الإعلام العربية "محيط " مع السفير إبراهيم يسري مساعد وزير الخارجية ومدير إدارة القانون الدولى والمعاهدات الدولية الأسبق بوازرة الخارجية وكان هذا الحوار

... لعل أزمة الأنابيب الموجودة حاليا حيث يتعذر علي المواطنين الحصول علي احتياجاتهم اليومية من الغاز تثبت بالدليل القاطع لكل الناس فشل سياسة الحكومة بتصدير ثروتنا الطبيعية من الغاز لإسرائيل بأسعار فكاهية دولار وربع للطن المتري في حين أن السعر العالمي اثني عشر دولارا ونصف. وهذا معناه إننا نحرم المصريين مع صباح كل يوم من مبلغ 13 مليون دولار أمريكي يمثل فرق السعر في الوقت الذي يتزايد فيه أعداد العاطلين والفقراء وهو ما يمثل حرمانا للمواطن المصري الفقير والمحتاج من ثروة بلده من الغاز ...

باقى الحوار تحت عنوان ( جدارغزة وتصديرالغاز لإسرائيل إهدار للمصالح المصرية ) فى صفحة الحوادث بالرابط التالى
www.ouregypt.us

الخلود يقول...

ماذا لو استبدلت جملتك الاخيرة هذه [* جميع ما ورد ذكره ينطبق على البعض لا الكل.]

بـ [جميع ما ورد ذكره ينطبق على الكل الا البعض القليل] !

..

كثرت الخراف بيننا هذه الايام!
سنضحي بانسان العيد القادم سيكون سعره اقل كثيرا !!

..


تدونتك الساخره اعجبتني كثيرا !
لآ تطيل الغياب عن التدوين !

تحيتي

BookMark يقول...

أضف إلى ذلك أن الخراف فسدت هذه الأيام وصارت لحومها قاتلة!
:)

شكرا لهذه التدوينة مع كل ما تبطنه سطورها ;)

غير معرف يقول...

كيف إني أسألك لمزيد من التفاصيل؟ عظيم آخر في حاجة الى معرفة المزيد...

محمد سعد القويري يقول...

الأخ الفاضل :: أحمد الحيدر ::
أسعد الله صبحك بكل خير

موضوع جميل ،،)

وهذا ما اعتدنا عليه ..

رحلة مأمئية ممتعة ^_^

وإن شاء الله ترتفع لحومنا الموقرة ..

ــــــــــــــــــ
ملحوظة : تمت الإشارة إلى مؤلفاتك في موضوع مشروع مشروءاتي الثالث
http://qweary555.blogspot.com/2010/12/1431.html

تحياتي

غير معرف يقول...

وهذا جيد إيفاد آخر ساعدني كثيرا في دراستي assignement. الامتنان لكم والمعلومات الخاصة بك.

فاطمة عبدالمحسن يقول...

جميل ما طرحته هنا

وكلامك صواب

واسلوبك يشد القارئ

كنتٌ هنا فتقبل مروري