من السهل جدا أن نوزع الاتهامات، يمينا ويسارا، فنستنتج- وفقا لمشاهداتنا وتجاربنا الشخصية- نتائج غير دقيقة، ونعممها كحقائق، ثم نبني نقاشاتنا وآراءنا وقراراتنا عليها، لكن حسم الأمور وتسميتها بـ «الحقائق» يحتاج إلى إثباتات ودراسات علمية محكمة لا تقبل نتائجها الشك، إلا ببحوث أو دراسات أخرى، وهنا قد تصدمنا بعض النتائج، أو لا تعجبنا، لكن علينا احترام العلم ومنهجية البحث العلمي، متى ما أردنا بناء قراراتنا على أسس سليمة.
قيادة المرأة للسيارة كانت ولاتزال موضع تندر وفكاهة بالنسبة لكثير من أحاديثنا الاجتماعية، ولاسيما إذا كان المتحدث من فئة الذكور، فتجده يبدع في وصف «غشامة» السيدات، وكيف أنهن لا يجدن القيادة مقارنة بالرجل «العبقري» الذي يتسيّد الطريق، ولكن ماذا تقول الحقائق العلمية المثبتة؟ 
«قيادة المرأة آمن من قيادة الرجل بنسبة 77 بالمئة!».. هذا ما خلصت إليه دراسة مرورية ميدانية (تحليل إحصائي) أعدها الباحثان في جامعة كارنيج ميللون الأميركية ديفيد جيرارد والبروفيسور باول فيتشبيك، مشيرين إلى أن النتائج أكدت أن الرجال معرضون للموت بسبب الحوادث المرورية بنسبة 77 بالمئة أكثر من السيدات، مقارنة بعدد الأميال المُقادة. 
ومن النتائج الأخرى التي خلصت إليها الدراسة، هي أن قيادة المسنين بعمر 82 عاما أخطر بنسبة 60 بالمئة من قيادة المراهقين بعمر 16 عاما، كما أن آمن أوقات القيادة هي فترة الذروة الصباحية، حيث الطرق مزدحمة خلال توجه الناس إلى أعمالهم.
إذا، العلم يحسم الأمر، المرأة أفضل في قيادة السيارة من الرجل، وعلينا أن نحترم العلم ودراساته المحكمة إلى أن يثبت باحث ما عكس ذلك، والأفضل لنا معشر الرجال أن «نغيّر الموضوع» في حال فتحت هذه السيرة أمامنا، منعا للحرج
*** 
موضوع قيادة المرأة السعودية للسيارة وموضوع «البدون» في الكويت ودول خليجية أخرى كانا أكثر موضوعين يسببان الحرج للفائزة بجائزة نوبل للسلام العام الماضي اليمنية توكّل كرمان، فما إن تجتمع بمسؤول حقوقي أو سياسي أو غيرهما، حتى «ينربط» لسانها عند فتح أحد هذين الموضوعين المتعلقين بالعالم العربي، والمعلومة هذه ذكرتها توكل خلال زيارتها للكويت العام الماضي.
نتمنى أن يكون يوم 26 الجاري هو آخر يوم تقود فيه المرأة السعودية السيارة بشكل غير قانوني، بعد أن اتفق الشرع والقانون والعلم على استحقاقها، ليبقى لنا موضوع «البدون»، وبقية الموضوعات الأخرى التي يُنظر لها كمسائل أصغر من قبل الغرب وبقية العالم. 
--
أحمد الحيدر

Twitter & Intagram
@alhaidar