قبل فترة .. أعلنت في أحد موضوعاتي الأولى بالمدونة حزني على تبخر حلم وطني كما وصفته بسبب نشره منقوصا عليلا في " القبس "
.
اليوم .. أرى الظروف مواتية هنا لإعادة نشره .. علّ أحد الزملاء القراء يوصله بعد المناقشة فيما بيننا إلى صاحب القرار .. ويكون ذو شأن كما آمل في مستقبل البلاد السياسي ..
.
أعلم أني لست أكثر من مجرد شاب حالم بوطن أفضل ككثير غيري هنا .. ولكني لن أتردد في تقديم مقترح أرى أن فيه الخير لبلدي ..
.
وقبل عرضه .. أشير إلى بضعة نقاط أساسية هي :
الأولى أن أحدا من النواب أو الساسة لم يره من قبل .. عدا النائب صالح الملا الذي وعد بقراءته وإبداء الرأي سلبا أو إيجابا .. ولكنه للأسف أخلف وعده .. نعم أقولها أخلف وعده رغم حبي لشخصه وطرحه واحترامي الشديد لشقيقه الأصغر الذي عملت لأجل أخلاقه الرفيعة في الانتخابات الماضية فحشدت أصوات العائلة والأصدقاء لصالح الملا وساهمت في نشر أخباره صحفيا دون أن تربطني أي علاقة بالمنبر الديمقراطي الذي يمثله ..
.
طبعا سيجد صالح ألف من يدافع عنه هنا ويتعذر بالظروف .. ولكني أتمنى منكم توفير ذلك لأنه لن يغير من قناعتي شيئا .. فالرجل وجد وقتا لأمور أتفه كثيرة .. وربما له حسابات أخرى في شأن الاقتراحات التي تصل إليه من المواطنين .. وهو ليس موضوعنا الأساسي
.
النقطة الثانية أن المقترح خاص بتقسيمة انتخابية جديدة في البلاد .. يمكن تطبيقها في الدول الأخرى .. وهي على عكس كافة سابقاتها لا تعتمد على ثبات جغرافي .. بل تتغير المناطق التابعة لكل دائرة فيها كل انتخابات .. ما يضطر المرشح لتوسيع طرحه ليشمل كافة أبناء الكويت .. مع عدم تمكن كافة أبناء الكويت من التصويت له حتى لا يظل معتمدا على قاعدة قبلية أو طائفية أو تيارية أو غيرها .
.
النقطة الثالثة والأهم أن المقترح مطروح هنا قيد الدراسة .. والتردد والخجل في إبداء الرأي والنقد والإصلاح يضر ولا ينفع .. لذا أتمنى عدم البخل في هذا الشأن .. وكلما ازدادت العقول المناقشة ازداد المقترح نضوجا ..
.
أما النقطة الأخيرة فإني أرجو السماح للإطالة الشديدة في سرد الموضوع .. لأني لا أرغب بتجزيئه وإطالة مواله .. ومن يريد الاكتفاء بالمقترح دون الدراسة المقارنة بينه وبين الدوائر الخمس الحالية والدائرة الواحدة المقترحة مسبقا من قبل البعض فما عليه سوى التوقف بعد قراءة الفكرة الأساسية .. علما بأن الدراسة تشمل 5 جوانب أساسية .
.
وأخيرا .. أتمنى أن يكون في نقاشنا هذا فائدة تعم على وطننا الغالي .. وأكرر تمنياتي بعدم التردد في المناقشة أو حتى الاستفسار في حال عدم وضوح المقترح .
.
....
تحويل الكويت إلى 5 دوائر ديناميكية
كتب أحمد الحيدر :
رغم الضجة السياسية الكبيرة التي شهدتها البلاد إثر اقتراح تقليص الدوائر الانتخابية في الكويت من 25 إلى خمس قبل بضع سنوات ، والتي تم على إثرها وغيرها من العوامل حل مجلس الأمة والدعوة لانتخابات جديدة أفرزت نوابا أيدوا مقترح التقليص ، إلا أن هذه التقسيمة الجديدة لم تأت بنتائج أفضل – أو تختلف – عن سابقاتها ، فتواجدت ذات السلبيات والعيوب بل وربما تفاقمت ، وعلى رأسها الانتخابات الفرعية ، شراء الأصوات ، تضييق أفق الطرح من الوطني العام إلى الانتمائي الخاص ، تباين عدد الناخبين بين الدوائر ، ونقل القيود وتحول النواب إلى مجرد مخلصي معاملات أو كما يطلق عليهم نواب خدمات .
.
وموازاة لعلو صوت عدد من النواب ومطالبتهم بتحويل الكويت إلى دائرة انتخابية واحدة ، لابد لنا من وقفة ندرس فيها امكانية تكرار ظهور العيوب السابقة من عدمها ، حتى لا تكون الكويت محطة تجارب ، تجري فيها كل انتخابات وفق آلية مختلفة وتفرز ذات النتائج ، مع اقتراح البديل المناسب إن وجد .
.
لذا ، نطرح اليوم مقترحا جديدا لتقسيم الدوائر الانتخابية تحت اسم " الدوائر الديناميكية " ، لا يتعارض بتاتا مع الدستور ويقضي على الكثير من العيوب ، وستقارنه بنظام الدوائر الخمس القائم والدائرة الواحدة المقترحة ، مع تبيان أسباب تفضيله عليهما في كل قضية على حدة .
.
الفكرة
والمقترح باختصار يقوم على توزيع مناطق البلاد إلى مستويات وفق عدد الناخبين فيها ، بحيث يضم كل مستوى خمسة مناطق ( كما هو موضح بالجدول ) ، وتوزع المناطق بالقرعة بين الدوائر الخمس ، أي أن مناطق المستوى الواحد لا تقع في دائرة واحدة تحت أي ظرف ، على أن تجري قرعة أخرى قبل الانتخابات المقبلة ، وهكذا في كل انتخابات ، وبالتالي لا يضمن أي مرشح أن منطقة ما ( لنسميها أ ) ستكون مع أي منطقة أخرى ( لنسميها ب ) من أي مستوى آخر في ذات الدائرة الانتخابية مستقبلا ، وبهذا تكون توزيعة الدوائر " ديناميكية " تتغير في كل انتخابات .
.
ويتغير توزيع المستويات ذاتها من انتخابات لأخرى وفق تغير أعداد المقيدين كناخبين فيها ، وتجرى القرعة الجديدة دائما وفق أحدث البيانات .
.
ويمنح الناخب وفق مقترح " الدوائر الديناميكية " صوت انتخابي واحد فقط ، يختار من خلاله المرشح الذي يرى أنه قادر على تمثيله في مجلس الأمة .
.
أما آلية الترشيح ، فيسجل المرشحون في أي من الدوائر الخمس كيفما يشاؤون ، ويمكنهم معرفة خصومهم في الدائرة ، على أن لا تجري القرعة إلا بعد قفل باب الترشيح والانسحاب ، حتى يتم التأكد بأن المرشح يخوض الانتخابات لتمثيل الأمة بأكملها كما ينص الدستور وليس فئة معينة ، فلا تكون هناك فترة انسحاب إضافية مثلا إذا لم تأت نتائج القرعة على هواه ، ويكون سحب القرعة قبل الانتخابات بأسبوع واحد فقط .
.
وينظم القانون المقترح شؤون الخطاب الإعلامي ويحدد وسائله المتاحة حتى لا تعم الفوضى والتلوث البصري أرجاء البلاد ، بحيث يشارك تلفزيون دولة الكويت في ذلك من خلال قناة متخصصة ، يخصص فيها وقت مساو لكل مرشح مع الآخرين يعرض فيها أفكاره وبرامجه ، ويعاد لكل مرشح طرحه أكثر من مرة خلال اليوم وبأوقات متفرقة لتحقيق العدالة ، كما يمكن تخصيص قناة إذاعية لذات الهدف .
.
ومن الضروري أن نذكر هنا عدم وجود أي نص دستوري يلزم المشرع بتقسيم الدوائر وفق توزيعة جغرافية ثابتة ، ما يجعل مقترح الدوائر الديناميكية قابلا للتطبيق ، كما أن الشبهة الدستورية التي تثار حول الدائرة الواحدة لنص الدستور على " دوائر " لا تثار هنا .
.
ولكي يكون المقترح أكثر وضوحا ، نبدأ بمقارنتنا الثلاثية بين الحالي ( 5 دوائر ) والمقترح النيابي ( دائرة واحدة ) ومقترح ( الديناميكية ) من حيث عدة جوانب .
.
الطرح الوطني
في تقسيمة الدوائر الخمس الحالية ، نلاحظ أن المرشحين غالبا ما يطرحون البرامج وفق ما تقتضيه مصلحتهم في الدائرة لكون ناخبيها المتوقع تصويتهم له ينتمون إلى طبقة أو فئة واحدة ، وبالتالي فهو يركز طرحه عليهم ليضمن نسبة النجاح ويهمل البقية .
.
في حالة الدائرة الواحدة ، سيكون أسها على المرشحين التركيز على فئتهم في الطرح ، لأن كل من ينتمي لمثل انتمائهم الضيق سواء قبلي أو طائفي أو غيره سيصوت له أينما وقعت منطقته ، وبالتالي جمهور طرحه المتعصب اتسعت رقعته .
.
أما في الدوائر الديناميكية ، يضطر المرشح لطرح خطاب وطني أوسع يمس مختلف شرائح الشعب ، تحسبا لوعي الناخب عموما وعدم اعتماده على فئة معينة بشكل كلي ، كما أنه يخطط للانتخابات المقبلة في حال نجاحه أو حتى عدمه ، وبالتالي يدرك أن المناطق التي سيخوض فيها الانتخابات قد تكون مختلفة تماما عن المناطق التي خاض فيها الانتخابات مسبقا .
.
شراء الأصوات
ظن كثير من مؤيدي تقليص الدوائر الانتخابية أن الظاهرة ستندثر مع توسيع القاعدة الانتخابية ، إلا أن التجربة العملية أثبتت عكس ذلك تماما ، فالمرشح المستعد لدفع مبلغ ما – إن صحت الاتهامات – مستعد لمضاعفته عدة مرات ليضمن نجاحه ، وبالتالي الاستفادة بطرق مشروعة أو غير مشروعة من منصبه النيابي .
.
وعند جعل الكويت دائرة واحدة ، يسهل وضع المرشح " الشرّاي " أكثر مما هو عليه اليوم ، حيث تزداد شريحة المحتاجين وضعاف النفوس ، وبالتالي يكون وصوله إليهم أسهل من ذي قبل ، لأن من لم يكن من " البيّاعين " في نطاق دائرته مسبقا فإنه حتما سيكون فيها لكون الكويت دائرة واحدة .
.
وللأمانة ، قد لا تقضي تقسيمة الدوائر الديناميكية على ظاهرة شراء الأصوات كليا ، لكنها بالتأكيد ستحد منها ، لأن سمعة المرشح ستكون على المحك ، كما أنه لن يضمن أن تفرز له القرعة مناطق يقبل عدد كبير من سكانها بيع أصواتهم ، فضلا عن ضيق الوقت بين سحب القرعة وإجراء الانتخابات .
.
الانتخابات الفرعية
بدا واضحا في الدوائر الحالية أن الانتخابات الفرعية بتعدد مسمياتها لعبت دورا كبيرا في حسم النتائج وإيصال المرشحين من أبناء القبيلة إلى الكرسي الأخضر بغض النظر عن كفاءتهم من عدمها ، وقد يعتقد الكثيرون أن جعل الكويت دائرة واحدة كفيل بالقضاء على الظاهرة ، وهو اعتقاد خاطئ ولو منح كل ناخب صوت واحد فقط ، فمن يجري الفرعيات قادر على تجاوز هذه العقبة كما سبق له تجاوز عقبة المسمى الشكلي فحولها إلى تشاورية أو تزكية .
.
وأبسط وسيلة لإنجاح المرشحين الفرعيين من أبناء القبائل دون غيرهم هو حث شيخ القبيلة أو رجالها الكبار لأبناء كل فخذ من القبيلة على التصويت لمرشح معين ، وبالطبع يسهل معرفة مجموع الناخبين وانتماءاتهم تفصيليا ، ما يمنح الموجه طاقة كبيرة وفرصة لا مثيل لها في حال توقعه الأرقام اللازمة للنجاح جيدا .
.
كما يمكن لمن يريد إجراء انتخابات فرعية من الطوائف والمذاهب والعوائل أن يبتكر أسلوبا مماثلا ، فيحث أبناء مناطق محددة أو عوائل محددة على التصويت لمرشح معين ، مقابل تصويت مناطق أو عوائل أخرى محددة أيضا لمرشح آخر ، وهكذا حتى يتم توزيع الناخبين بالتساوي على المرشحين المطلوب فوزهم ن والذين قد يصلهم عددهم إلى العشرات من قبيلة أو تيار أو انتماء واحد !
.
بالنسبة للدوائر الديناميكية ، فإنها تعتبر وسيلة تفكيك للتجمعات الأصغر من الكويت ، فهي قادرة على تشتيت أي تجمع حالي ، لاسيما أن جميع التجمعات من قبائل وطوائف وعوائل وغيرها تعتمد في تواجدها على أكثر من منطقة تنتمي حاليا لدائرة واحدة ، بينما في التقسيمة الديناميكية ليس بالضرورة أن تكون في ذات الدائرة .
.
عدد الناخبين
من الواضح جدا أن عدد الناخبين وفق التقسيمة الحالية غير عادل ولا يخضع لمقياس منطقي ، ففي الوقت الذي يبلغ في الدائرة الثانية مثلا 41365 ناخبا ، فإنه يزيد عن المئة ألف في الدائرة الخامسة !
.
ورغم أن تحويل الكويت إلى دائرة واحدة يقضي على هذا التمايز ، إلا أنه ليس النموذج الأمثل لكثرة مثالبه الأخرى ، فضلا عن شبهته الدستورية .
.
ينتج عن تقسيم المناطق إلى مستويات ومن ثم توزيعها عن طريق القرعة على الدوائر الخمس الديناميكية تباينا طفيفا جدا بين عدد الناخبين في كل دائرة لا يتجاوز البضع آلاف ، ويتغير ارتفاعا أو انخفاضا في الانتخابات المقبلة لتغير المناطق في كل دائرة حسب القرعة .
.
نقل القيود والخدمات
لازالت تداعيات نقل القيود الانتخابية بين المناطق ، والتي كانت متفشية خلال انتخابات ال25 دائرة ، تلقي بآثارها على العملية الانتخابية في البلاد ، حيث لم تفلح الدوائر الخمس الحالية في القضاء عليها ، فيما ينعدم دورها في الدائرة الانتخابية الواحدة ، كما يقل تأثيرها إلى درجة كبيرة في مقترح الدوائر الديناميكية ، نظرا لأن لكل منطقة طاقة محدودة ، فضلا عن عدم ضمان المرشح كما ذكرنا أن تكون المنطقة التي ينقل الأصوات إليها ضمن حدوده الانتخابية .
.
أما بالنسبة للمرشحين المعتمدين على تخليص المعاملات عبر كسر القانون أو الحصول على استثناءات أو غيرها فلن تكون أمامهم فرصة وفق المقترح لتغير الشريحة الانتخابية الدائم كما ذكرنا .
.
...
خطوات إجراء الانتخابات وفق المقترح :
1) الدعوة للانتخابات .
2) تسجيل المرشحين في الدوائر دون معرفة المناطق التي تشملها .
3) تحديد موعد نهائي للانسحاب .
4) إجراء القرعة لاختيار منطقة من كل مستوى في كل دائرة انتخابية .
5) الاقتراع أو إجراء الانتخابات بعد القرعة بأسبوع .
....
وهنا بعض مواد الدستور للتأكيد على أنها لا تنص على ضرورة الثبات الجغرافي للدوائر الانتخابية :
.
المادة ( 80 )
يتألف مجلس الأمة من خمسين عضوا ينتخبون بطريق الانتخاب العام السري المباشر ، وفقا للأحكام التي يبينها قانون الانتخاب .
ويعتبر الوزراء غير المنتخبين بمجلس الأمة أعضاء في هذا المجلس بحكم وظائفهم .
.
المادة ( 81 )
تحدد الدوائر الانتخابية بقانون
.
المادة ( 82 )
يشترط في عضو مجلس الأمة :
- أن يكون كويتي الجنسية بصفة أصلية وفقا للقانون .
- أن تتوافر فيه شروط الناخب وفقا للقانون .
- ألا تقل سنه في يوم الانتخاب عن ثلاثين سنة ميلادية .
- أن يجيد قراءة اللغة العربية وكتابتها
.
.
المستويات المقترحة والمناطق التي يشملها كل مستوى حسب الكثافة السكانية وفق إحصاء العام الماضي الانتخابي