من قتل أطفال و نساء الجهراء ؟
هذا هو السؤال الأهم الذي يجب طرحه مباشرة بعد لملمة أحزان أهل الكويت جميعا وذوي النساء والأطفال ضحايا الحريق الذي شب في خيمة عرس في منطقة العيون الجهراوية .. فالحدث المفجع ليس مجرد حادث عابر قدرته الظروف وسطرته تقاسيم الصدف .. بل هو قتل أنفس بشرية متعمد أو غير متعمد .. والفاعل لابد أن يحاسب ويتحمل مسؤوليته تحت أي ظرف ، وهنا لا أتحدث عن الطليقة المتهمة .. سواء ثبتت التهمة أم لا .. ولكن أتحدث عن المسؤول الحقيقي الذي جعل نصف قنينة بانزين سعرها لا يتجاوز المئة فلس قادرة على قتل 43 امرأة وطفلا حتى الآن .
.
نعود إلى السؤال المطروح .. من قتل أطفالنا ونساءنا في الجهراء ؟
.
لعل أسهل ما يفكر فيه أصحاب الأعذار السخيفة من المسؤولين هو إلقاء اللوم على غياب عوامل الأمن والسلامة .. وبالتالي تحمل صاحب الدعوة المسؤولية كاملة .. ومع اعترافنا بالشق الأول ( غياب الأمن والسلامة ) فإن الاعتراض بشدة يتم على الشق الثاني .. لكون صاحب الدعوة لا يعيش في الغابة لوحده .. بل المفترض أنه يعيش في دولة مؤسسات وقانون وسلطة تنفيذية توفر الأمن والسلامة للمواطنين من خلال فرض التزامهم بالقوانين والتشريعات المنظمة ..
.
إذن الحكومة قتلت النساء والأطفال من شعبها .. ولكن مهلا .. يبدو من اسمها أنها سلطة تنفيذية فحسب .. فهي تنفذ ما يشرع لها .. ومن يشرع هم ممثلوا الشعب واختياراتهم العظيمة .. النواب في البرلمان أو مجلس الأمة الكويتي .. فهل أدى هؤلاء النواب أمانتهم على أكمل وجه ؟
.
باعتقاد الكثيرين مثلي أن النواب انشغلوا بتوافه الأمور عن أهمها .. والتفتوا إلى صغائر الأخطاء - إن صح تسميتها أخطاء أصلا - عن أجسمها .. وبالتالي أضاعوا وقت الأمة بما لا يفيد الأمة .. خلافا لقسمهم الدستوري .. وخلافا لأمانتهم أمام ربهم لمن لا يعترف بالدستور أصلا منهم ..
.
ولكن هل يملك هؤلاء النواب أو ربما النوائب الشجاعة الكافية للإقرار بذنبهم والتنحي - وفق أضعف الإيمان - عن كراسيهم الخضراء اعترافا بتقصيرهم ؟ نعم الحديث بشمل كافة النواب لأن النائب يمثل الأمة حسب الدستور .. بجهرائها وشويخها وقرينها وصليبخاتها ونزهتها و كافة مناطقها .. ولكن نواب الدائرة الرابعة على وجه التحديد مسؤوليتهم أكبر من غيرهم .. فهم أدرى أن أهل الجهراء يعانون منذ سنوات من نقص حاد في صالات الأفراح .. ما يضطرهم إلى ممارسة العادة القديمة في إقامة الأفراح في خيام تنصب عند بيوتهم .. فهل تبنوا موقفا جادا لعلاج القضية ؟ وهل اتخذوا الإجراءات الكافية أصلا عندما وقع الحريق الأول لإحدى صالات النساء - في الجهراء أيضا - في شهر فبراير الماضي وراح ضحيته عدد من السيدات ؟
.
نوابنا الكرام .. لا نريد منكم " المهايط " والهيافة كما اعتدناهما مؤخرا .. ولا نريدكم أن تستغلوا الحدث الجلل إنسانيا في تصفية حساباتكم مع رئيس الوزراء أو أي وزير .. ولا تغرقونا بالتحليلات والترقيعات الكاذبة .. فالذنب ذنبكم لأنكم لم تحسنوا تمثيل الأمة ولا حماية أبنائها .. والدم المهدور على الاسفلت باق في رقبتكم ما حييتم .. والذنب ذنبكم شئتم ذلك أم أبيتم .. ذنبكم جميعا يا ممثلي الأمة .. بسنتكم وشيعتكم .. بحضركم وبدوكم .. بسكان المناطق الداخلية والخارجية .. بأي تقسيمة تريدونها .. فسكان العيون هم سكان الكويت .. والحادث الأليم قد يقع مجددا في أي بقعة من أرض الكويت ..
.
نوابنا الكرام .. ممثلو الدائرة الرابعة على وجه الخصوص .. إننا مقبلون على شهر فضيل .. شهر فيه تشرع أبواب التوبة .. شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار .. وكما تستمعون وتنفذون أوامر الدين - التزاما أو رياء - فتصطفون خلف الإمام وهو يقول " استقيموا أثابكم الله " .. فإننا نتمنى منكم أن تسمعونا هذه المرة ونحن نقول ..
.
استقيلوا أثابكم الله !
__
السادة القراء الكرام .. تعمدت أن أبعد العاطفة عن كتابتي هنا قدر المستطاع .. رغم ان عيني اغرورقت بالدموع وانا أتابع القضية الإنسانية التي لم أتخيل أنها قد تحدث في بلدي .. بلد الأمن والأمان .. ولكن أرى من الأهم أن نركن العواطف جانبا قليلا .. ونحاسب ممثلينا الذين تلطخت أيديهم بدمائنا .. وستتلطخ أكثر بمشاركتنا ما لم نوقفهم عند حدهم الآن قبل أن يلتهمونا بتصريحاتهم المضللة .. فمن يرى أني أبالغ فليصوبني .. ومن يرى أني أصبت فليردد معي " استقيلوا أثابكم الله " ..
.
وإنا لله .. وإنا إليه راجعون